عرّفت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة التطوع على أنه "تخصيص وقت وجهد، بشكل إرادي حر ، ودون الحصول على أرباح مادية، لمساعدة الآخرين والإسهام في تحقيق الصالح العام"، وبذات المعنى عرفه علماء المسلمين بإعتباره "تقديم العون والنفع إلى شخص أو مجموعة أشخاص، يحتاجون إليه، دون مقابل مادي أو معنوي"وقد ورد في القرآن الكريم { فمن تَطَوَّعَ خيراً فهو خير له } البقرة أية 184، { والذين يلـمزون الـمطوَّعين من الـمؤمنـين } التوبة 79, فقال ابن الأَثـير: أَصل الـمُطَّوِّعِ الـمُتَطَوِّعُ فأُدغمت التاء فـي الطاء وهو الذي يفعل الشيء تبرعاً من نفسه، فالتطوع هو فعل الشيء بإرادة حرة، وعطاء قلبي، وهو عمل غير ربحى، لا يقدم نظير أجر معلوم، ، يقوم به الأفراد من أجل مساعدة وتنمية مستوى معيشة الآخرين، من جيرانهم أو المجتمعات البشرية بصفة مطلقة.
وللتطوع أهمية بالغة في صقل الشخصية كون التطوع عملٌ إختياري يقوم به الفرد رغبة منه في خدمة فردٍ أخر أو مجتمعه، فهذا الاختيار الإرادي أساسه الرغبة في مساعدة الغير وعماده تحقيق الراحة والسعادة في نفس المتطوع وسقفه رضى الله عز وجل، فالدافع للتطوع هو تقديم المساعدة لمن يحتاج إليها ومحركه الرضى الكبير عن النفس الذي يشعر به المرء من خلال تطوعه هذا، فينخرط في عمله التطوعي بجدٍ وبإجتهادٍ كبيرين للوصول إلى الرضى التام عن النفس، لما يبعثه هذا الشعور من سعادة كبيرة في داخل المرء نفسه تنعكس بالإيجاب على كافة أعماله الأخرى.
وهنا أتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم " ما نقص مالٌ من صدقة"، وذلك لأن الله يبارك للمرء في ماله، والأمر تماماً ينطبق على من يتطوع بجهده، وتكون مباركة المال والجهد من الناحية العملية الملموسة من خلال شعور المرء بالرضى عن نفسه من خلال تطوعه بالجهد والمال، هذا الرضى عن النفس يدفع المرء إلى إتقان أو الإقبال بجهدٍ أكبر على عمله الذي يتقاضى عليه أجراً كونه يقوم به وهو سعيد بما قدّم من تطوعه في سبيل الله، فتكون نتيجة هذا الإتقان أو الإقبال على العمل المدفوع الأجر أضعاف ما كان قبيل تطوعه أو تبرعه، وهنا يبرز المعنى العملي لحديثه صلى الله عليه وسلّم وصدق رسول الله.
|