بصعوبة يخط قلمي الكلمات، حروفٌ متثاقلة متألمة، تبكي تشويه صورة جميلة، رُسمت في القلوب والعقول، صورة رجلٍ أمن يسهر ليله لينام أهله بأمان، صورة تضحية وفداء شعارٌ على القمصان وفي القلوب كان، هكذا كانت حتى صُمت الأذان بما تقشعر له الأبدان، شتمٌ وسباب من ألسنة من نشتكي إليهم الشتم والسباب، وفوق هذا عصيٌ تنهال فوق الرؤوس، لا تفرق بين طفلٍ وشيخٍ وشاب، والصورة بدأت تتهشم بفعل زخاتٍ بلا معنى من الرصاص، ولتسقط الصورة من القلوب لمّا وصل الأمر إلى الحد الذي تم الاعتداء فيه على أحد المسعفين، مسعف متطوع في جمعية نوران الخيرية، يرتدي بزة الإسعاف محاولاً تقديم خدمات الإسعاف لفتىٍ سقط ضحية ضربة شرطيٍ طائشة بلا هدف، وبنبرة الغاضب المزمجر وبعصا أخرى طائشة كانت يد المسعف هذه المرة هي الهدف ، ولكنها ضربةٌ قسمت القلب وأدمته ليدرك ضرورة أن يتنحى جانباً باكياً ومتألماً، وليترك للعقل حكمه.
وللعقل رأي يطرحه بهدوء على من يقرأ في زمنٍ لا يُسمع فيه إلّا لصاحب الصوت الصاخب العابس والشاتم، ولكنها همسة قد تصل إلى مسامع أحدٍ يشتاق للحظة هدوء بعد أن ملّت الأذان أصوات دوي المدافع وأزيز الرصاص التي يعيشها رجل الأمن فله أقول:
- أنتم أهلنا وأحبتنا نحتمي بكم ونلوذ بعد الله إليكم عند الشدائد والصعاب فتذكروا ذلك.
- أنتم من نشتكي أليكم سباً جارحاً وقذفاً قادحاً فلا تتركوا العنان لألسنتكم وتذكروا ذلك.
- أنتم مهمتكم الأولى هي الحفاظ على الناس وسلامتهم، فتذكروا أننا من الناس وننشد السلامة لنا ولكم.
- فرض الهيبة يأتي مع زراعة المحبة في القلوب، فلا تجهدوا أنفسكم في تحقيق الأولى وتنسوا الثانية، فتضيع الأولى وتطير معها الثانية.
- أنتم ونحن روحٌ وجسد، وأكتوينا معاً بداء العقاب الجماعي فلا تتخذوه منهجاً لكم.
- لا تضربوا يداً تداوي الجروح فهذه اليد يدكم، والجرح النازف جرحكم.
فيد المسعف التي ضُربت داوت جراحكم رغم أصابتها والألم الذي ألّم بها، فلا تصيبوا قلب صاحبها الذي لا زال يؤمن برسالته وبوطنٍ آمنٍ يعيش فيه بأمان يصنعه رجل أمنٍ واعٍ ومثقف، فلا تقتلوا الحلم.