الصفحة الرئيسية  |

 من نحن

 |

رؤيتنا

 |

 اهدافنا

 |

 أرشيف الصور 

 |

  أنشطتنا 

 |

 اتصل بنا

 |

 مقالات

 |

 English

 

مقالات وأراء a
هروباً من مقصلة السلبية
بقلم محمد بشير

لست أدري ثقافة موروثة تلك التي تقود، أم رغبة كبيرة في التغيير حباً في التغيير نفسه بغض النظر إن كان هذا التغيير للأحسن أم للأسوء، مخزون كبير من الامثال الشعبية يعشعش في العقول " حط راسك بين هالروس وقول يا قطّاع الروس"، "امشِ الحيط الحيط وقول على الله الستر"، ويبدو ان هذه الثقافة مزروعة في عقول المتعلمين المثقفين أكثر من غيرهم، وهم الذين طالما تحدثوا وكتبوا عن آفة السلبية وضرورة التخلص منها، ولا تكاد كتاباتهم تخلو من الحديث عن هذه الثقافة والتحذير من مخاطرها، وما أجمل كتاباتهم، وما يتحدثون.


ولكن واقعاً غريباً يتشكل أمام العيون، نجده في إنكفاء هذا المتعلم المثقف خلف صفحات كتاباته، او بين رأس قلمه والصفحة، حبرٌ على ورق يكاد لا يقنع صاحبه، مستثنياً نفسه من مشاركة الناس همومهم البسيطة، ومن التفاعل معهم ومحاورتهم ومناقشتهم، وله العذر في ذلك فقد كان منشغلاً عنهم بكتابة مقالة له عن ضرورة التفاعل مع المجتمع، وضرورة مخاطبتهم والعمل على الرقي بهم فكراً والإرتقاء بهم، وما يلبث أن ينهي مقالته حتى يبدأ رحلة نشرها، فلمّا يفعل لا يقرأها  إلا هو ومن على شاكلته، صوتٌ لا يُسمع إلا صاحبه وصاحب صوتٍ يشبهه.


وبعدما يتحرر كاتبنا الموقر من ربطة عنقه، يجد أن التغيير الذي طالما تحدث عنه يقوده قبطانٌ لا يعرف معنى السلبية فهو لا يعرف القراءة، ومع هذا يقود سفينة التغيير ويبحر معه ركاب كُثر ومنهم المثقف الكاتب الذي سيجد في البحر والميناء وقيادة السفن مواضيع ستأسره بين أوراقه وكتبه خلال فترة الإبحار مهما طالت، وسيبقى أسير ربطة عنفه طويلاً قد يفكها قليلاً ولكن دون أن تؤثر على مظهره الجذاب وموقعه المرموق.


ودعوني أعترف لكم، أني بتّ أنحاز إلى خيار الأبحار أياً كان ربّان السفينة، على حساب خيار البقاء في ميناءٍ موحلٍ بالعجز والفردية والفوقية، وفوق ذلك بالسلبية التي يرعاها مثقفٌ تغص مكتبته بمئات الكتب والمقالات عن السلبية وأثارها، فغاص فيها والتصقت به، كما تلتصق به ربطة العنق الذي بات يراها الكثيرون رمزاً لمقصلة يصطفون على أبوابها، فهربوا منها مبحرين من هذا الميناء الموحل في سفينة يقودها قبطانٌ لا يجيد السباحة، فقد يصلون معه إلى ميناءٍ أخر ويكفيهم أنهم حاولوا.

      

  اال

 

البريد الألكتروني : info@nuranassocition.org